طالبت فعاليات أمازيغية مؤخرا بالحكم الذاتي لسوس ، وبإقرار فيدرالية سوس الكبير . وقد استندت هذه المطالبة على عدة اعتبارات تاريخية وسياسية وإنمائية . فقد ارتكزت المطالبة على لا مركزية النسق السياسي المغربي التقليدي ، وعلى تكفل القبائل بتسيير أمورها ، بعيدا عن وصاية السلطة المركزية وعن هيمنة المخزن المركزي . كما استندت على واقع الاختلالات الإنمائية بسوس منذ إقرار نظام الحماية إلى الآن ؛ فقد تعرض سوس الكبير منذ الحماية الفرنسية وبالأخص منذ 1934 ، إلى استغلال فادح لموارده الطبيعية والبشرية ، لفائدة السلطات الاستعمارية والمعمرين أثناء سريان الاستعمار الفرنسي على المغرب ، ولفائدة المخزن المركزي والبورجوازية الذيلية السائرة في فلكه منذ الاستقلال إلى الآن. ويشهد واقع الاختلالات الإنمائية ، والافتقار إلى البنيات التحتية الضرورية للتنمية البشرية ، وتعرض المنطقة إلى استنزاف كاسح وكارثي لطاقاتها وإمكاناتها ومواردها الطبيعية والى تغيير في تركيبتها اللغوية والثقافية والى الإساءة إلى مخزونها الرمزي والثقافي والفني على عمق الضرر الذي لحق الساكنة السوسية والوضعية السوسيو- سياسة لسوس باعتبارها منطقة استراتيجية وتاريخية وفضاء عابق بالإمكانيات وبالطاقات . كما تستند تلك المطالبة على إقدام السلطات المخزنية على تجاهل الموارد البشرية المحلية واعتماد مقاربات إنمائية وسياسات تدبيرية متمركزة على الثقافة العربية الإسلامية وعلى التفوق الرمزي والسياسي تاليا للمحتازين على هذه الثقافة ضدا على الثقافة الامازيغية المحلية. ومن المعلوم أن الثقافة الامازيغية السوسية اعتمدت على اوفاق وتقاليد وتنظيمات ومعايير مختلفة عن نواظم وأوفاق الثقافة المخزنية الرسمية ذات المرجعية العربية الإسلامية الكلاسيكية الأكثر أرثوذكسية وانغلاقا وتعاليا .
والحقيقة أن المطالبة بالحكم الذاتي لسوس الكبير تأتي في سياق سياسي وتاريخي موسوم بالخصائص والوقائع التالية :
1- اقتراح الدولة المغربية لصيغة الحكم الذاتي الموسع أداة لحل مشكل الصحراء ؛
2- قصورسياسة الجهوية واللامركزية واللاتمركز المعتمدة إلى الآن وعجزها عن حل الإشكاليات الإنمائية بسوس الكبير والاستجابة لمنتظرات السوسيين السوسيو- ثقافية والسوسيو-اقتصادية ؛
3- قصور سياسة القرب و صيغ التنمية البشرية المعتمدة حاليا ،وانكشاف طابعها التكتيكي والإجرائي ؛
4- انكشاف خطورة السياسات الاقتصادية والتعميرية والاستثمارية المعتمدة بالمنطقة ،ايكولوجيا وثقافيا واقتصاديا ، واستمرار استنزاف ثروة المنطقة ( المائية والمعدنية خصوصا ) على نحو منهجي دون استفادة الساكنة المحلية من مردودها ومن من فائض القيمة ؛
5- التجاهل المؤسسي للخصائص اللغوية والثقافية والتاريخية والجغرافية للمنطقة والسعي إلى طمس موروثها الثقافي واللغوي والمعماري والتاريخي ؛
6- إقصاء الطاقات والموارد البشرية السوسية من مواقع القرار السياسي والاقتصادي والثقافي ، على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية ؛
7- انتقال الحركة الامازيغية من المطالبة بالحقوق اللغوية والثقافية إلى المطالبة بالحقوق السياسية والاقتصادية ، أي الانتقال إلى جيل جديد من الحقوق ؛